خارطة طريق داخلية وخارجية رسمها أمين حزب الله: المعايير أولاً
"إذا أردتم الارتكاز الى العدد فنحن أصحاب التمثيل الأوسع"
خطاب بالقدر الذي اشتمل فيه على الوضوح حمل رسائل مشفّرة وعلنيّة، وكان أشبه بخارطة طريق للمرحلة المقبلة رسمها أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله داخليا وخارجياً.
لا يمكن لمن تابع خطاب السيد نصرالله في اليوم العاشر من محرم، ألا يتيقّن أن هناك مساراً تفاوضياً صريحاً بين حزب الله من جهة، وفرنسا من جهة ثانية، لمحاولة تثبيت هدنة أو إدارة ازمة، أو ربما إدارة الانهيار في لبنان.
وهذا ما دفع السيد نصر الله الى توجيه جملة من الرسائل، لتكون ركيزة المسار التفاهمي حول المرحلة المقبلة التي يقدم عليها البلد، وهذا ما حدد أطره بالقول “قد يأتي أحد من الخارج أو الداخل يضع مجموعة مطالب يعتبرها مطالب الشعب اللبنانين الا انه هل من الممكن أن تختزل أي تظاهرة مطالب الشعب اللبناني؟ واذا كان كذلك فنحن جاهزون”.
النقطة الأهم هنا، ما توقف السيد نصرالله عنده بالقول “نحن في حزب الله وفقًا للأرقام أكبر حزب سياسي في لبنان وأكبر جمهور لحزب سياسي في لبنان، ولكن لا ندعي أننا نعبّر عن كامل إرادة الشعب اللبناني بل نعبّر عن إرادة من نمثلهم”.
الترابط بين الجملتين كان واضحا لجهة تذكير السيّد نصرالله بالحجم التمثيلي لحزب الله منفرداً، واتساع التمثيل مع اتساع رقعة تحالفه مع أمل والتيار الوطني الحر والحلفاء الداخليين، ليرسم إطارا مسبقا لآلية الارتكاز الى المزاج الشعبي، وتطلعاته الى المرحلة المقبلة، والتي لا يمكن حصرها فقط بآراء المتظاهرين، والذين على رغم اعدادهم، لن يقاربوا أرقام الجماهير الحزبية، وحزب الله تحديداً، بحسب إشارة السيد نصرالله، ولذا من المفيد جداً، تحديد المعايير وآلية التفاوض قبل بدء البحث، الذي قد يصل الى طرق مسدودة، في حال لم يستطع التوفيق بين رؤية الأحزاب السياسية، بما فيهم حزب الله وحلفاؤه على الساحة المحلية، وتطلعات المجموعات المتظاهرة، ورغبة المجتمع الدولي.
في الشق العسكري والصراع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، شدد السيد نصرالله على معادلة الردع القائمة، وعلى عدم إتاحة الفرصة أمام كيان الاحتلال للتعديل في قواعد الاشتباك القائمة، في محاولة لتكرار ما حصل يوم الخامس والعشرين من الشهر الجاري، عبر محاولة استدراج حزب الله الى رد على عملية الاستهداف التي طالت الأراضي اللبنانية الحدودية، ليوضع هذا الرد في اطار الاحتكاك المتبادل بين الطرفين، ويؤدي الى اغلاق الحساب بين حزب الله وكيان الاحتلال ،اثر قتل الجيش الإسرائيلي لأحد عناصر الحزب علي كامل محسن، فضلا عن استعانة العدو الإسرائيلي بهدف آلي (روبوت)، يفتح شهية حزب الله للرد عليه او على آلية مسيّرة، وبالتالي يغلق الحساب في موضوع علي كامل محسن، وهذا ما ما ثبته السيد نصرالله بشكل قاطع ، عبر التأكيد على أن “الرد على قتل أي عنصر من عناصر حزب الله، سيكون الرد محسوماً تجاهه، وعقابه قتل جندي إسرائيلي في المقابل”.
أراد السيد نصرالله استثمار استنفار العدو وتقييد حركته، عبر إبقاء باب الرد مفتوحاً، لكنه أراد للمعركة النفسية ان تلقي بوقعها على الجنود الإسرائيليين، قائلا “يعرف العدو أننا نبحث عن جندي لقتله وهو يخبئ كل جنوده، وبالتالي فان حزب الله سيتحيّن الفرصة المناسبة لاستهداف اول هدف بشري متاح في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
جزء من حرب المواجهة الجديدة بين حزب الله وكيان الاحتلال الإسرائيلي، هي حرب الاشغال والالهاء، وبالتالي، كما يعمد كيان الاحتلال الاسرئيلي الى اشغال حزب الله بجبهات مختلفة، انتهج حزب الله اللعبة ذاتها، ليبقي العدو في خانة المترقب، لردة فعل، ترهقه، وتقوّض أمنه واستقراره.
إبراهيم درويش